فلو أظهرت معنى الدهرِ فيه
لأعجزت العبارة والرقوما
ولكني سترتُ لكونِ أمري
محيطاً في شهادتِه عظيما
فغطيتُ الأمورُ بكلِّ كشف
لعين صارَ بالتقوى سليما
لو أظهر لنا معنى الدهر فيه، والدهر مدة حياتنا الدنيا، فلو أظهر
تلك الحقائق الكشفية من باب علوم الأولياء، وهو علم رباني فيه
تتحقق العبادة المحضة ويدرك الغيب الجزئي وفتوحات ربانية
أخرى، فما تحدث من تحدث من فراغ أو مراهقة وتحدي من
صراع، بالعكس بل نور وتوفيق عظيم لمن كان أهلا بعد تمكين،
ومن لا يرى ذلك فيقال له طوع نفسك ولا تبتئس، حثما سترى
وستصدق، ويقال لمن يعاند إن لم تفهم مقالي، و نكرت بتعالي
فلأنك من المعني خالي جاهلا بمقامات الإحسان، فلو أظهر معنى
الدهر أي معنى حقيقته على طول الدهر، من بداية الخلق وماكان
له من عناية سبق، إلى الحديث على لسان الأنبياء ونخصص
بالذكر سيدنا محمد عليه السلام الذي قال لو لم يبق من الدهر إلا
يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا،
فحقيقة الدهر منه التي تحدث عنها الشيخ هي عينها أن الدهر لن
ينتهي حتى يظهر ولو انتهى ولم يبقى إلا يوم كان لزاما أن يظهر
والعناية تضرب وترد على كل من يريد أن يقول أننا نغالي فالرب
وهو خالقك وخالقي من نطفة من سيبعثه كما جاء في الحديث
الصحيح، هو من جعل نبينا محمد يبشر الأمة به، فتنمر بكلماتك
التي لن تتجاوز فيك، ولتعلم أن عين هذه النشأة إنما هو مضاهاة
للعين الأكبر من جهة الخلافة والتدبير ( وفيك انطوى العالم الأكبر
) حيث قال الشيخ عنه ويختص بالتدبير من دون غيره، وقال في
عين الصدد يؤيده الله بعونه وعنايته فيصير فردا في دولته ثم
قطبا في أمته، لهذا هناك تدرج في التمكين، فأي دولة تعرف
قيادة حكيمة وتدبير غير مألوف فهناك نبراس وعلامة على
وجوده هناك نعود للموضوع،،، قصده هو أهمية هذه النشئة
بالمواكبة مع الدهر باعتباره الخليفة، ثم قال لأعجزت العبارة
والرقوما أي أن أردت أن أخبركم بعظيم ماله عند الله من النصبة
وما يعكسه مقامه في عالم الولاية من شأن عظيم لعجزت
العبارات في توصيل الأفكار المطلوبة، وهو القائل لا يكون
الخلاف في بشر تميز شأنه في العلا منذ الأزل، و أيضا قالوا إن
الولاية العظمى تكون لصاحبها القائم الختم وهي مرتبة وهي سر
في حق الانسان، قال ابن عربي في حق الامام ضرب عليه الكتم ؟
أي السرية في المعرفة وهذا لا يعني أن الدين يقوم على السرية
بل هي حكمة ربانية وتدبير الاهي سنعرف الحكمة منه قادما، أما
قوله الرقوما هنا من الرقيم ومن كانت همته عالية وروحه شفافة
عاكسة للحقائق الربانية سيرى الكون كله من أرقام روحانية
وحروف جميلة أظنها عربية أو سريانية فقد حصل الأمر معنا في
مشاهدة قديمة حتى اختلف عندنا الأمر!! المهم كلها تتشكل
وتتواصل وتكون قناة للتواصل بين الولي وربه فهي بمثابة
خطابات ربانية ولهذا يقول العارف الكون يخاطبك بطرق مختلفة
فهناك من يفتح مصحف، وهناك من يسمع فال خير مثلا، وهناك
من يرى رؤيا أو مشاهدة، و أقصد الرؤيا الصالحة. عموما وحتى
لا نطيل فأن هذه الحقائق كتمت عن غير أهلها، بل تجد من
العارفين من يتداولها في سرية تامة، و أقصد حقيقة الختمية،
وللأسف سرعان ما تجد عالما من علماء الظاهر ينكرها بل ويفسق
من يقول بها وهذا بكل بساطة لأن الله عز وجل لم يكتب له أن
يعيش هذه الحقائق ولهذا قالوا ويعرفه أهل الوصول الأمناء
ويعرفه أهل العرفان الحقيقي ويشهدون تلك الحقيقة فيه...
حتى لا نطيل سنكمل في شرح أبيات الشيخ في مقال آخر....