بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
وَصلى الله على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وعَلى آله وصحبة وَسلم تَسْلِيمًا
بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة إمام الأولياء إبن عربي في رحاب الكعبة المطهرة:
لما انتهى للكعبة الحسناء جسمى وحصل رتبة الأمناء
وسعى وطاف وثم عند مقامها صلى وأثبته من العتقاء
من قال هذا الفعل فرض واجب ذاك المؤمل خاتم النبآء
ورأى بها الملك الكريم وآدما قلبى فكان لهم من القرناء
ولآدم ولدا تقيا طائعا ضخم الدسيعة أكرم الكرماء
والكل بالبيت المكرم طائف وقد اختفى فى الحلة السوداء
يرخى ذلاذل برده ليريك فى ذاك التبختر نخوة الخيلاء
وأبى على الملأ الكريم مقدم يمشى بأضعف مشية الزمناء
والعبد بين يدى أبيه مطرق فعل الأديب وجبرئيل إزائى
يبدى المعالم والمناسك خدمة لأبى ليورثها إلى الأبناء
فعجبت منهم كيف قال جميعهم بفساد والدنا وسفك دماء
إذ كان يحجبهم بظلمة طينه عما حوته من سنا الأسماء
وبدا بنور ليس فيه غيره لكنهم فيه من الشهداء
أن كان والدنا محلا جامعا للأولياء معا وللأعداء
ورأى المويهة والنويرة جاءتا كرها بغير هوى وغير صفاء
فبنفس ما قامت به أضداده حكموا عليه بغلظة وبذاء
وأتى يقول أنا المسبح والذى ما زال يحمدكم صباح مساء
وأنا المقدس ذات نور جلالكم وأتوا فى حق أبى بكل جفاء
لما رأوا جهة الشمال ولم يروا منه يمين القبضة البيضاء
ورأوا نفوسهم عبيدا خشعا ورأوه ربا طالب استيلاء
لحقيقة جمعت له أسماء من خص الحبيب بليلة الإسراء
ورأوا منازعة اللعين بجنده يرنو إليه بمقلة البغضاء
وبذات والدنا منافق ذاته حظ العصاة وشهوتا حواء
علموا بأن الحرب حتما واقع منه بغير تردد وإباء
فلذاك ما نطقوا بما نطقوا به فاعذرهم فهم من الصلحاء
فطروا على الخير الأعم جبلة لا يعرفون مواقع الشحناء
فمتى رأيت أبى وهم فى مجلس كان الإمام وهم من الخدماء
وأعاد قولهم عليهم ربنا عدلا فأنزلهم إلى الأعداء
فحرابة الملأ الكريم عقوبة لمقالهم فى أول الآباء
أوماترى فى يوم بدر حربهم ونبينا فى نعمة ورخاء
بعريشه متملقا متضرعا لالهه فى نصرة الضعفاء
لما رأى هذى الحقائق كلها معصومة قلبى من الأهواء
نادى فأسمع كل طالب حكمة يطوى لها بشملة وجناء
طى الذى يرجو لقاء مراده فيجوب كل مفازة بيداء
يا راحلا يقص المهامه قاصدا نحوى ليلحق رتبة السمراء
قل للذى تلقاه من شجرائى عنى مقالة أنصح النصحاء
واعلم بأنك خاسر فى حيرة لما جهلت رسالتى وندائى
إن الذى ما زلت أطلب شخصه ألفيته بالربوة الخضراء
البلدة الزهراء بلدة تونس الخضرة المزدانة الغراء
بمحله الأسنى المقدس تربه بحلوله ذى القبلة الزوراء
فى عصبة مختصة مختارة من صفة النجباء والنقباء
يمشى بهم فى نور علم هداية من هديه بالسنة البيضاء
والذكر يتلى والمعارف تنجلى فيه من الإمساء للإمساء
بدرا لأربعة وعشر لا يرى أبدا منور ليلة قمراء
وابن المرابط فيه واحد شأنه جلت حقائقه عن الإفشاء
وبنوه قد حفوا بعرش مكانه فهو الإمام وهم من البدلاء
فكأنه وكأنهم فى مجلس بدر تحف به نجوم سماء
وإذا أتاك بحكمة علوية فكأنه ينبى عن العنقاء
فلزمته حتى إذا حلت به أنثى لها نجل من الغرباء
حبر من الأحبار عاشق نفسه سر المجانة سيد الظرفاء
من عصبة النظار والفقهاء لكنه فيهم من الفضلاء
وافى وعندى للتنفل نية فى كل وقت من دجى وضحاء
فتركته ورحلت عنه وعنده منى تغير غيرة الأدباء
وبدا يخاطبنى بأنك خنتنى فى عترتى وصحابتى القدماء
وأخذت تائبنا الذى قامت به دارى ولم تخبر به سجرائى
والله يعلم نيتى وطويتى فى أمر تائبه وصدق وفائى
فأنا على العهد القديم ملازم فوداده صاف من الأقذاء
ومتى وقعت على مفتش حكمه مستورة فى الغضة الحوراء
متحير متشوف قلنا له يا طالب الأسرار فى الإسراء
أسرع فقد ظفرت يداك بجامع لحقائق الأموات والأحياء
نظر الوجود فكان تحت نعاله من مستواه إلى قرار الماء
ما فوقه من غاية يعنو لها الا هو فهو مصرف الأشياء
لبس الرداء تنزها وإزاره لما أراد تكون الإنشاء
فإذا أراد تمتعا بوجوده من غير ما نظر إلى الرقباء
شال الرداء فلم يكن متكبرا وإزار تعظيم على القرناء
فبدا وجود لا تقيده لنا صفة ولا اسم من الأسماء
إن قيل من هذا ومن تعنى به قلنا المحقق آمر الأمراء
شمس الحقيقة قطبها وإمامها سر العباد وعالم العلماء
عبد تسود وجهه من همه نور البصائر خاتم الخلفاء
سهل الخلائق طيب عذب الجنى غوث الخلائق أرحم الرحماء
جلت صفات جلاله وجماله وبهاء عزته عن النظراء
يمضى المشيئة فى البنين مقسما بين العبيد الصم والأجراء
ما زال سائس أمة كانت به محفوظة الأنحاء والأرجاء
شرى إذا نازعته فى ملكه أرى إذا ما جئته لحباء
صلب ولكن لين لعفاته كالماء يجرى من صفا صماء
يغنى ويفقر من يشاء فأمره محى الولاة ومهلك الأعداء
لا أنس إذ قال الإمام مقالة عنها يقصر أخطب الخطباء
كنا بنا ورداء وصلى جامع لذواتنا فأنا بحيث ردائى
فانظر إلى السر المكتم درة مجلوة فى اللجة العمياء
حتى يحار الخلق فى تكييفها عينا كحيرة عودة الإبداء
عجبا لها لم تخفها أصدافها الشمس تنفى حندس الظلماء
فإذا أتى بالسر عبد هكذا قيل اكتبوا عبدى من الأمناء
إن كان يبدى السر مستورا فما تدرى به أرضى فكيف سمائى
لما أتيت ببعض وصف جلاله إذ كان عى واقفا بحذائى
قالوا لقد ألحقته بالهنا فى الذات والأوصاف والأسماء
فبأى معنى تعرف الحق الذى سواك خلقا فى دجى الأحشاء
قلنا صدقت وهل عرفت محققا من موجد الكون الأعم سوائى
فإذا مدحت فإنما أثنى على نفسى فنفسى عين ذات ثنائى
وإذا أردت تعرفا بوجوده قسمت ما عندى على الغرماء
وعدمت من عينى فكان وجوده فظهوره وقف على إخفائى
جل الاله الحق أن يبدو لنا فردا وعينى ظاهر وبقائى
لو كان ذاك لكان فردا طالبا متجسسا متحسسا لثنائى
هذا محال فليصح وجوده فى غيبتى عن عينه وفنائى
فمتى ظهرت إليكم أخفيته إخفاء عين الشمس فى الأنواء
فالناظرون يرون نصب عيونهم سحبا تصرفها يد الأهواء
والشمس خلف الغيم تبدى نورها للسحب والأبصار فى الظلماء
فيقول قد بخلت على وإنها مشغولة بتحلل الأجزاء
لتجود بالمطر الغزير على الثرى من غير ما نصب ولا إعياء
وكذاك عند شروقها فى نورها تمحو طوالع نجم كل سماء
فإذا مضت بعد الغروب بساعة ظهرت لعينك أنجم الجوزاء
هذا لميتها وذاك لحيها فى ذاتها وتقول حسن رآء
فخفاؤه من أجلنا وظهوره من أجله والرمز فى الأفياء
كخفائنا من أجله وظهورنا من أجلنا فسناه عين ضيائى
ثم التفت بالعكس رمزا ثانيا جلت عوارفه عن الإحصاء
فكأننا سيان فى أعياننا كصفا الزجاجة فى صفا الصهباء
فالعلم يشهد مخلصين تآلفا والعين تعطى واحدا للرائى
فالروح ملتذ بمبدع ذاته وبذاته من جانب الأكفاء
والحس ملتذ برؤية ربه فان عن الإحساس بالنعماء
فالله أكبر والكبير ردائى والنور بدرى والضياء ذكائى
والشرق غربى والمغارب مشرقى والبعد قربى والدنو تنائى
والنار غيبى والجنان شهادتى وحقائق الخلق الجديد إمائى
فإذا أردت تنزها فى روضتى أبصرت كل الخلق فى مرائى
وإذا انصرفت أنا الإمام وليس لى أحد أخلفه يكون ورائى
فالحمد لله الذى أنا جامع لحقائق المنشى والإنشاء
هذا قريضى منبئ بعجائب ضاقت مسالكها على الفصحاء
فاشكر معى عبد العزيز إلهنا ولتشكرا أيضا إلى العذراء