بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى اله وصحبه أجمعين،
وبعد....
الأحباب الكرام مرحبا بكم، هذا المنشور إن شاء الله نتيجة لما رأيناه من انتقاص من شأن #الرؤيا من طرف بعض الإخوة في التعليقات، وحتى من غير التعليقات، أحببت أن أتشارك معكم هذا الموضوع، عن مكانة #الرؤيا في الإسلام، و كيف أن مقامها عظيم، وأنها صلة وصل بين العبد وربه، وقناة لتحقق المعرفة والفوز برضى الله، لكن يبقى الأخذ بها في حدود طبعا، حتى لا يصل الإنسان لدرجة الهوس، و أقول الهوس!! لما نراه من نمادج حية تعيش بالرؤى فقط، وقد شاهدنا ذلك بأم أعيننا للأسف، خاصة لمن يحترف التأويل في حق نفسه، أي كل رؤيا ينسبها لنفسه بطريقة أو بأخرى، وإن لم تكن بأخرى فبالقوة، واعذروني هذه حقيقة، وأمر الله هو وعد الله لن ولن يتغير، برؤى أو بغير رؤى، بل هناك من وصل لدرجة لوي عنق المعاني الواضحة الصريحة لتتماشى مع هوى نفسه، وهذا لا ينبغي، هناك من بنى قصرا من الامال انطلاقا من رؤى بل أحلام، عندما تطلب منه دليل ادعاء مقام يقول رأيت في رؤيا، نقول والله أعلم إن كانت الرؤيا ستزيدك في الطاعة، وتدفع بك لمزيد من المعرفة، وحب الله ورسوله فنعم، أما إن كانت ستجعلك في واد من الوساويس، و تعظيم الذات، والتكبر على العباد، فراااجع نفسك، واقمع جشعك، ولا تبني على الرؤى أمالك، حتى لا تهلك نفسك وتحطم مستقبلك والله تعالى أعلم...
وجدنا أن الشيخ يسميها المعلقة، وهذا المصطلح غير وارد في قاموس العارفين، وسنوضح سبب التسمية فيما بعد، إذن هي ما يرد على القلب من العالم العلوي بأي طريق كان، من خطاب أو مثال، أو غير ذلك، فهي المبشرات التي أبقى الله لنا من آثار النبوة، التي سد بابها، وقطعت أسبابها، فالوقائع للأولياء و الوحي للأنبياء، وهي الرؤيا الصادقة، ما هي بأضغاث أحلام، وما هي بحديث نفس، بل هي جزء من أجزاء النبوة، وهي نسبة لما جاء في الحديث عن قوله صلى الله عليه وسلم عن الرؤيا : [ أنها معلقة برجل طائر ] فإذا أولت #وقعت، أو احتمال من قوله تعالى إذا وقعت الواقعة كما قال الشيخ محمود أحمد الغراب... الرؤيا أو المبشرة، وهي بالمناسبة من البشرة، لأن استقبالها يحكم على متلقيها إما بالفرح أو الحزن، وهي من أجزاء النبوة، إما أن تكون من الله إلى العبد، أو من الله على يد بعض عباده إليه، لهذا يراها الرجل أو ترى له، يقول الشيخ : يمكن الأخذ بالرؤيا الصالحة إلا في التحليل والتحريم، أي بناء الأحكام ومسائل العقيدة والتشريع، وهذا من باب أن نبوة التشريع أغلق بابها، حيث يقول تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا.. ) فمن أعطى للرؤيا قيمتها يرى أمور هائلة، ويوفقه الله تعالى لذلك، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أصبح في أصحابه سألهم هل رأى أحد منكم رؤيا اليوم ؟ لأنها نبوة، فكان يجب أن يشهدها في أمته. يقول الشيخ ابن عربي : الناس اليوم في غاية الجهل من هذه المرتبة التي كان النبي يعتني بها، و يقول أيضا : والجهلاء في هذا الزمان إذاسمعوا بأمر وقع في النوم لم يرفعوا رأسا، وقالوا بالمنامات يريد أن يحكم، هذا خيال وما هي إلا رؤيا، يستهينوا بالرائي، وهذا لجهل المعترض بمقامها، وجهله أن حاله وتصرفه في #واقعه أيضا #رؤيا، أما منامه فهو #رؤيا في #رؤيا، فهو كمن يرى أنه استيقظ في نومه وهو في منامه، ودليل ذلك قوله عليه السلام الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا..... أعلم أنني أطلت عليكم، ولكن أجد نفسي من الضروري أن أساهم في التوضيح و أجرنا على الله.
إذن الرؤيا ثلاثة منها #بشرى و #رؤيا مما يحدث المرء به نفسه في اليقظة، فيرتقم في خياله، فإذا نام أدرك ذلك بالحس المشترك، لأنه تصوره في يقظته، فيبقى مرتسما في خياله، فإذا نام انصرفت الحواس إلى عالم الخيال، أبصرت ذلك، و #الرؤيا الثالثة من الشيطان، أي الشيطان يتدخل فيها و يشوهها عن أصلها وما الله بغافل عما يعمله إبليس، لكن الحكمة اقتضت ذلك...
ودليلنا فيما قيل هو : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، و أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا، ورؤيا المسلم جزء من ستة و أربعين جزءا من النبوة، والرؤيا ثلاث : الرؤيا الصالحة بشرى من الله تعالى. و رؤيا من تخزين الشيطان. و رؤيا مما يحدث الرجل به نفسه. و إذا رأى أحدكم ما يكره فليقم وليتفل ولا يحدث به الناس.
اعلم أن ملكا موكلا بالرؤيا يسمى الروح، وهو دون السماء الدنيا، وبيده صور الأجساد التي يدرك النائم فيها نفسه و غيره، وصور ما يحدث من تلك الصور من الأكوان، فإذا نام الإنسان، أو كان صاحب غيبة وفناء، أو قوة إدراك، لا تحجبه المحسوسات في يقظته، فهناك علاقة بين حضرة المحسوسات، وحضرة الخيال الذي محله مقدم الدماغ،فالرائي يتسلم تلك الرؤيا، وإن كانت ما خزنه في نفسه، وما إن يخبر المعبر بذلك، فلا يعبرها حتى يصورها في خياله من المتكلم، فقد انتقلت تلك الصورة من المحل الذي كانت فيه حديث نفس، أو تخزين شيطان، إلى خيال المعبر، وما هي له حديث نفس، بل يقين تسلمه، فيحكم على صورة محققة ارتسمت في ذاته، فيظهر لها حكم أحدثها تلك الصورة في نفس المعبر، لهذا في الحديث قال : أنها معلقة برجل طائر، ولهذا يسميها الشيخ بالمعلقة، فإذا عبرت سقطت لما قيلت له، أي لما كان الطائر إذا اقتنص من الصيد شيئا إنما يأخذه برجله، هذا من باب التشبيه، كذلك الرائي يخطف المعاني من عالم الخيال بروحه، فبما عبرت وقعت، وكأنها معلقة برجل طائر والله تعالى أعلم....
👈 قال تعالى في سورة الإسراء : وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ....
👈 وقال تعالى في سورة الفتح : لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا
👈 و قال تعالى : في سورة الأنفال مخاطبا نبيه محمد : إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا ۖ وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ ۗ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
👈 وفي سورة يوسف عليه السلام : إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ
👈 وقول سيدنا يوسف: يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ
إن تحويل الأحداث من عالم السفل إلى عالم الأفلاك يتم عن طريق سلطان الخيال، حيث أنشأ الخيال صورة الإخوة كواكب، وصور الأبوين شمسا و قمرا، حيث انتقل التصوير من ظلمة الهيكل إلى نور الكواكب والشمس والقمر، وهي مرتبة التقدم والمنزلة بالمعاني المجردة،
👈 وقال تعالى : وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.
👈 وفي سورة يوسف أيضا يقص علينا الحق رؤيا عزيز مصر فيقول سبحانه و تعالى : وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ
👈 وقال تعالى عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام : فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ
👈 وقال تعالى عن موسى عليه السلام : وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.
يتبع.......
السلام على من اتبع الهدى الر حمن الر حيم
إرسال ردحذف{ ٱللَّهُ یَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِینَ مَوۡتِهَا وَٱلَّتِی لَمۡ تَمُتۡ فِی مَنَامِهَاۖ فَیُمۡسِكُ ٱلَّتِی قَضَىٰ عَلَیۡهَا ٱلۡمَوۡتَ وَیُرۡسِلُ ٱلۡأُخۡرَىٰۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمًّىۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ }
إرسال ردحذف[سُورَةُ الزُّمَرِ: 42]