اخر الاخبار





بسم الله الرحمان الرحيم 

 وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد 


وبعد 



الإنسان الكامل 


هو الحق المخلوق به : لما كان الإنسان الكامل هو المخلوق على الصورة الإلهية ، فهو الحق المخلوق به ، أي المخلوق بسببه العالم ، فإن الإنسان الكامل أكمل الموجودات ، وهو الغاية ، ولما كانت المطلوبة بالخلق المتقدم عليها ، فيا خلق ما تقدم عليها إلا لأجلها وظهور عينها ، ولولاها ما ظهر ما تقدمها ، فالغاية هو الأمر المخلوق بسيه ما تقدم من أسباب ظهوره ، وهو الإنسان الكامل، وإنما قلنا الكامل لأن اسم الإنسان قد يطلق على المشبه به في الصورة ، كما تقول في زيد إنه إنسان ، وفي عمرو إنه إنسان ، وإن كان زيد قد ظهرت فيه ماعات الإلهية، وما ظهرت في عمرو، فعمرو على الحقيقة حيوان في شكل إنسان ، ففي ا قوة كل موجود في العالم ، فله جميع المراتب ، ولهذا اختص وحده بالصورة ، فجمع بين الحقائق الإلهية وهي الأسماء ، وبين حقائق العالم ، فإنه آخر موجود ، فيا انتهى لوجوده النفس الرحماني حتى جاء معه بقوة مراتب العالم كله، فيظهر بالإنسان ما لا يظهر بجزء جزء من العالم ، ولا بكل اسم اسم من الحقائق الإلهية، فإن الاسم الواحد ما يعطي ما يعطي الآخر مما يتميز به ، فكان الإنسان أكمل الموجودات ، فكل ما سوى الإنسان خلق ، إلا الإنسان فإنه خلق وحق . 


 . حكم الصورة الإلهية على الإنسان :


لما خلق الله الإنسان على صورته - وله تعالى العزة والكبرياء والعظمة - مرت هذه

الأحكام في العبد، فإنها أحكام تتبع الصورة التي خلق عليها الإنسان وتستلزمها ، فيظهر

بالرياسة والتقدم، وكلما تمكن من التأثير في غيره فإنه يؤثر ، ويجد في نفسه طلب ذلك ،

الذين لا يصرفهم خلقهم على الصورة عن الفقر والذلة والعبودية ، وإذا

وجدوا هذا الأمر الذي اقتضاء خلقهم على الصورة ولابد ، ظهروا به في المواطن التي عين

الحق لهم أن يظهروا بذلك فيها .


ومن حكم الصورة أن جعل الله الإنسان مثلاً ضداً خلافاً ، مثل ماهي الأسماء الإلهية ، ، مثل ضد خلاف ، فإن الحق اعتنى بالإنسان غاية العناية ما لم يعتن بمخلوق ، يكونه جعله خليفة ، وأعطاه الكمال بعلم الأسماء ، وخلقه على الصورة الإلهية ، وأكمل من الصورة الإلهية ما يمكن أن يكون في الوجود ، فالإنسان الكامل مثل من حيث الصورة الإلهية ، ضد من حيث أنه لا يصح أن يكون في حال كونه عبداً رباً من هو له عبد ، خلاف


ورجال الله هم


من حيث أن الحق سمعه وبصره وقواه ، فأثبته وأثبت نفسه في عين واحدة ( إشارة إلى الحديث - كنت سمعه وبصره - ) 


الإنسان الكامل جامع الصورة الحق وصورة العالم :


لما كان العالم على صورة الحق، وكان الإنسان الكامل على صورة العالم وصورة الحق ، وهو قوله : إن الله خلق آدم على صورته ، فليس في الإمكان أبدع ولا أكمل من هذا العالم، إذ لو كان لكان في الإمكان ماهو أكمل من صورة الحق فلا يكون ، والإنسان الحيوان هو الصورة الظاهرة التي جمع بيها حقائق العالم، والإنسان الكامل هو الذي أضاف إلى جمعية حقائق العالم حقائق الحق التي بها صحت الخلافة ، وهو قول القائل : ( وما على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد ، فهو الإنسان الكامل الجامع حقائق العالم وصورة

 ابن عربي قدس الله سره

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -