اخر الاخبار

قلب غريب وتحقق وصول الإمام دون مشيئة سبحان الله

 


 

 

بسم الله الرحمان الرحيم 

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد

 

و بعد

 

هنا يصف الشيخ حال الامام وعن مشيئة النفس التي تريد الوصول حيث يجب ان يصل دون رغبة حتى لا تسمى مشاركة النفس خيانة 

وهنا معاني سامية جد قوية يصعب تصورها فكيف تريد الشيء وفي نفس الوقت تمنع النفس من تلك المشيئة وهكذا أجاب الشيخ عندما سئل عن مشيئة الختم كيف ستنقطع ويدخل القلب إلى الحضرة وهو متحقق بالذاتية  


قال له القائل: ذكرت أنه لا تبقى له مشيئة، وكيف تنقطع عنه مشيئة الوصول إليه؟


قال: لو تركه عمر نوح، عليه السلام، لم تنقطع عنه تلك المشيئة. ولكن الله لطيف بعباده، حكيم في أمره. يلطف بعبده حتى يقطع عنه المشيئة. فحينئذ تظهر نفسه من جميع المشيئات ويصح للقبول. فإنه ما دامت له مشيئة واحدة فنفسه معه. فليس للقلب أن يتقدم إلى الله تعالى، في مقام العرض ليقبله ويتخذه عبداً، بعد أن تولى سيره إليه بنفسه. ولا يكله (الله) إلى نفسه حتى يجاهد. وليس لمثل هذا القلب أن يتقدم إلى الله تعالى مع نفس فيها مشيئة. لأن تلك المشيئة شهوة، (وهي خيانة من النفس) وسوء أدب، وليس للخائن أن يقرن بالأمين حتى يتقدما إليه (إلى الله تعالى) فيقبلهما.


قال له قائل: فكيف لطف الله تعالى بعبده من هذا المقام حتى انقطعت (عنه) مشيئته؟


قال: لو ضننت (بالإجابة عن هذه المسألة) على الخلق أجمعين حتى أصيب لها أهلاً لكنت محقاً بذلك. ولكن قلبي أجده يعطف عليك؛ وأحسب أن فيك لله خشية. إذا خرجت للعبد الرحمة، من ملك الرحمة، سقاه ربه شربة يسكره بها عن هذه المشيئة!


قال (القائل) : وما هذه الشربة؟

قال: شربة الحب.

قال: وما هي؟


قال: كفاك هذا! - فصار (العبد) بحال لم يعقل من هذه الأمور شيئاً. فباطنه سكر، وظاهره حيرة وبهتة. وأما المشيئة فمفقودة في هذا السكر. فإن أفاق من سكره قليلاً صرخ إلى الله تعالى، صراخ المضطر، فجاءت الرحمة فاحتملته ووضعته بين يديه.

قال القائل: ولم يصرخ؟


قال: لأنه لما أفاق من سكره قليلاً وجد ريحاً.

قال: وما ذاك الريح؟


قال: ألم تر إلى الطفل إذا فقد أمه بكى وتحير في الوجوه وأخذته الغربة، لأنه لا يجد أمه. فلا ينام ولا ينيم. حتى إذا وجد ريح الأم تهلل وصرخ!


قال القائل: لقد جئت (يا شيخ) بمثل عظيم! فما هذا؟

قال: ويحك، إن العظيم في جلاله لما قرب هذا العبد، خرجت له الدولة من مشيئته على طريق المحبة والرأفة والتحنن عليه. فلما بلغ هذا المحل أفاق من السكر، وقد انطمست المشيئة عنه بسكره. وفيه بقية من السكر. وهو قلب غريب في مفاوز الحيرة، منفرد في تلك الفردية. و(فجأة) وجد ريح الرأفة (الإلهية) في قلبه، فصرخ إلى ولي الرأفة. فجاءت الرأفة فاحتملته. وبلغته الرحمة، فأخذته فأذته إلى مولاه. فأوصله إلى نفسه بلا مشيئة. فإن هذه أقوى المشيئات وأعظمها. ويستحيل أن تسقط عن النفس إلا من هذا الوجه، الذي لطف الله تعالى بعبده فيه.

 




تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -